فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {وابتلوا اليتامى} قال: عقولهم: {حتى إذا بلغوا النكاح} يقول: الحلم {فإن آنستم} قال: أحسستم {منهم رشدًا} قال: العقل.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وابتلوا اليتامى} قال: جربوا عقولهم: {فإن آنستم منهم رشدًا} قال: عقولًا وصلاحًا.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل {وابتلوا اليتامى} يعني الأولياء والأوصياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس {حتى إذا بلغوا النكاح} قال: خمس عشرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن الحسن {فإن آنستم منهم رشدًا} قال: صلاحًا في دينه وحفظًا لماله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {فإن آنستم منهم رشدًا} قال: صلاحًا في دينهم وحفظًا لأموالهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: لا تدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط ما لم يؤنس منه رشد.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا} ويقول: لا تسرف فيها ولا تبادر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ولا تأكلوها إسرافًا} يعني في غير حق {وبدارًا أن يكبروا} قال: خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله.
وأخرج البخاري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في ولي اليتيم {ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} بقدر قيامه عليه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه من طريق مقسم عن ابن عباس {ومن كان غنيًا فليستعفف} قال: بغناه من ماله حتى يستغني عن مال اليتيم لا يصيب منه شيئًا {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: يأكل من ماله يقوت على نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي يحيى عن ابن عباس {ومن كان غنيًا فليستعفف} قال: يستعف بماله حتى لا يفضي إلى مال اليتيم.
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: هو القرض.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} يعني القرض.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال: ولي اليتيم إن كان غنيًا فليستعفف وإن كان فقيرًا أخذ من فضل اللبن وأخذ بالقوت لا يجاوزه، وما يستر عورته من الثياب، فإن أيسر قضاه، وإن أعسر فهو في حل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول: إن كان غنيًا فلا يحل له أن يأكل من مال اليتيم شيئًا، وإن كان فقيرًا فليستقرض منه، فإذا وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والنحاس في ناسخه وابن المنذر والبيهقي في سننه من طرق عن عمر بن الخطاب قال: إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف. فإذا أيسرت قضيت.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: إذا احتاج ولي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم، ولا يلبس منه ثوبًا ولا عمامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس {فليأكل بالمعروف} قال: بأطراف أصابعه الثلاث.
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في الآية قال: يأكل الفقير إذا ولي مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له، وما لم يسرف أو يبذر.
وأخرج مالك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتامًا، وإن لهم إبلًا فماذا يحل لي من ألبانها؟ فقال: إن كنت تبغي ضالتها، وتهنا جرباها، وتلوط حوضها، وتسعى عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عمرو أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف، ولا مبذر، ولا متأثل مالًا، ومن غير أن تقي مالك بماله».
وأخرج ابن حبان عن جابر أن رجلًا قال يا رسول الله مم أضرب يتيمي؟ قال: «مما كنت ضاربًا منه ولدك غير واق مالك بماله، ولا متأثل منه مالًا».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن الحسن العرني أن رجلًا قال: يا رسول الله مم أضرب يتيمي؟ قال: «مما كنت ضاربًا منه ولدك قال: فأصيب من ماله؟ قال: بالمعروف غير متأثل مالًا، ولا واق مالك بماله».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن عم ثابت بن وداعة- وثابت يومئذ يتيم في حجره من الأنصار- أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله؟ قال: أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله، ولا تأخذ من ماله وفرًا. قال: وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليه على صلاحه وسقيه فيصيب من ثمره، ويكون له الماشية فيقوم وليه على صلاحها ومؤنتها وعلاجها فيصيب من جزازها ورسلها وعوارضها، فأما رقاب المال فليس لهم أن يأكلوا ولا يستهلكوه».
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال: خمس في كتاب الله رخصة وليست بعزيمة قوله: {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل.
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} قال: نسختها {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا..} [النساء: 10] الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك. مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي الزناد في الآية قال: كان أبو الزناد يقول: إنما كان ذلك في أهل البدو وأشباههم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم القاري قال: سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قوله: {فليأكل بالمعروف} قالا: ذلك في اليتيم، إن كان فقيرًا أنفق عليه بقدر فقره ولم يكن للولي منه شيء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله فليدفعه إليه بالشهود كما أمره الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية يقول للأوصياء: إذا دفعتم إلى اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم فأشهدوا عليهم بالدفع إليهم أموالهم {وكفى بالله حسيبًا} يعني لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وكفى بالله حسيبًا} شهيدًا. اهـ.

.تفسير الآية رقم (7):

قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر أموال اليتامى على حسب ما دعت إليه الحاجة واقتضاه التناسب إلى أن ختم بهذه الآية، كان كأن سائلًا سأل: من أين تكون أموالهم؛ فبين ذلك بطريق الإجمال بقوله تعالى: {للرجال} أي الذكور من أولاد الميت وأقربائه، ولعله عبر بذلك دون الذكور لأنهم كانوا لا يورثون الصغار، ويخصون الإرث بما عمر الديار، فنبه سبحانه على أن العلة النطفة {نصيب} أي منهم معلوم {مما ترك الوالدان والأقربون}.
ولما كانوا لا يورثون النساء قال: {وللنساء نصيب} ولقصد التصريح للتأكيد قال موضع مما تركوا: {مما ترك الوالدان والأقربون} مشيرًا إلى أنه لا فرق بينهن وبين الرجال في القرب الذي هو سبب الإرث، ثم زاد الأمر تأكيدًا وتصريحًا بقوله إبدالًا مما قبله بتكرير العامل: {مما قل منه أو كثر} ثم عرف بأن ذلك على وجه الحتم الذي لابد منه، فقال مبينًا للاعتناء به بقطعه عن الأول بالنصب على الاختصاص بتقدير أعني: {نصيبًا مفروضًا} أي مقدرًا واجبًا مبينًا، وهذه الآية مجملة بينتها آية المواريث، وبالآية علم أنها خاصة بالعصبات من التعبير بالفرض لأن الإجماع- كما نقله الأصبهاني عن الرازي- على أنه ليس لذوي الأرحام نصيب مقدر. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عاشور:

ومناسبة تعقيب الآي السابقة بها: أنّهم كانوا قد اعتادوا إيثار الأقوياء والأشدّاء بالأموال، وحرمان الضعفاء، وإبقاءهم عالة على أشدّائهم حتّى يكونوا في مقادتهم، فكان الأولياء يمنعون عن محاجيرهم أموالهم، وكان أكبر العائلة يَحرم إخوته من الميراث معه فكان أولئك لضعفهم يصبرون على الحرمان، ويقنعون بالعيش في ظلال أقاربهم، لأنّهم إن نازعوهم أطردوهم وحرموهم، فصاروا عالة على الناس.
وأخصّ الناس بذلك النساءُ فإنّهن يجدن ضعفًا من أنفسهنّ، ويخشين عار الضيعة، ويتّقين انحراف الأزواج، فيتّخذن رضى أوليائهُنّ عدّة لهنّ من حوادث الدهر، فلمّا أمرهم الله أن يؤتوا اليتامى أموالهم، أمر عقبه بأمرهم بأن يجعلوا للرجال والنساء نصيبًا ممّا ترك الوالدان والأقربون.
فإيتاء مال اليتيم تحقيق لإيصال نصيبه ممّا ترك له الوالدان والأقربون، وتوريث القرابة إثبات لنصيبهم ممّا ترك الوالدان والأقربون، وذُكر النساءُ هناك تمهيدًا لشرع الميراث، وقد تأيّد ذلك بقوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى} [النساء: 8] فإنّ ذلك يناسب الميراث، ولا يناسب إيتاءَ أموال اليتامى.
ولا جرم أنّ من أهمّ شرائع الإسلام شرع الميراث، فقد كان العرب في الجاهلية يجعلون أموالهم بالوصيّة لعظماء القبائل ومن تلحقهم بالانتساب إليهم حسن الأحدوثة، وتجمعهم بهم صلات الحلف أو الاعتزاز والودّ، وكانوا إذا لم يوصوا أو تركوا بعض مالهم بلا وصية يُصرف لأبْناء الميّت الذكور، فإن لم يكن له ذكور فقد حكي أنّهم يصرفونه إلى عصبته من إخوة وأبناء عمّ، ولا تعطى بناته شيئًا، أمّا الزوجات فكنّ موروثات لا وارثات.
وكانوا في الجاهلية لا يورثون بالبنوّة إلاّ إذا كان الأبناء ذكورًا، فلا ميراث للنساء لأنّهم كانوا يقولون إنّما يرث أموالنا من طاعن بالرمح، وضرب بالسيف.
فإن لم تكن الأبناءُ الذكورُ وَرِث أقربُ العصبة: الأبُ ثمّ الأخُ ثمّ العمّ وهكذا، وكانوا يورثون بالتبنيّ وهو أن يتّخذ الرجل ابن غيره ابنا له فتنعقد بين المتبنِّي والمتبنَّى جميع أحكام الأبوّة.